منتديات أهل سوريا


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات أهل سوريا
منتديات أهل سوريا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

لك اللحم ولنا العظم

اذهب الى الأسفل

لك اللحم ولنا العظم Empty لك اللحم ولنا العظم

مُساهمة  هبه الأحد أكتوبر 24, 2010 4:11 am

أيوب الغنيمات
ما ان يُطل علينا العامُ الدراسي بثوبه الجديد، حتى أضع يدي على قلبي خوفاً على كل الأطفال في هذا الوطن الجميل الذي يمتد من حدود العين إلى حدود القلب، حين يمر أمامي الصغار الحاملين كراساتهم المدرسية.

رحم الله والدي العجوز الذي سلمني ذات يوم إلى استاذي ابو مرتضى (رحمه الله تعالى رحمه واسعة) ومخاطبته اياه : لك اللحم ولنا العظم. في ذلك اليوم خطوت اول خطواتي في مدرستي التي ارست في احترام المعلم بعيدا عن اصله وفصله وتفاصيل درجاته الوظيفية وشهادته الدراسية، فانغرست في وجداني المكانة العليا التي كان يحظى بها المعلم في المجتمع، فلقد كانت هناك تربية حقيقية اولا، ثم تعليم ينتج جيلاً واعياً مؤمنا بربه معتمدا على نفسه، ربما لذلك سبق لفظ التربية لفظ التعليم فقيل ( وزارة التربية والتعليم).

كثرت في الآونة الأخيرة الأحاديث حول واقع العملية التعليمية، وأدلى كل صاحب دلو بدلوه فغدت القضايا التربوية تُنَاقَشُ على صفحات الصحف وفي السهرات العائلية، ربما لان المعلم كان العامل الأساسي والمؤثر الاهم في صقل شخصية الفرد حينما كان يُنظرُ للمعلم على أنه مربٍ اولا ورسول للمعرفة ثانيا، فكانت الأسرة تغرس في أذهان أطفالها تقدير واحترام المعلم.

أترحم على أيام كنا فيها صغارا نطبق بعض التقاليد الاحترام اليابانية التي تجبر جميع الطلاب على الوقوف احتراماً عندما يدخل المعلم إلى الفصل غير أنّ هذا سائر إلى الزوال، فالمجتمع ما عاد ينظر إلى المعلم كسالف عهده، فالكل يتسابقون في تحطيم وتهميش صورة المعلم ابتداء من الاعلام والمجتمع وانتهاء بالمعلم نفسه.

من الذي دمر العمليه التربوية برمتها وشوه صورة المعلم، حتى بات في الدرك الأسفل، رغم التكنولوجيا والجهد المبذول لتطويرها بدليل المرافق والكتب والوسائل التي كلفت وتكلف الكثير من الجهد والمال. صحيح ان التعليم رسالة إنسانية تُشرّف من ينذر نفسها لها فيكفي المعلم شرفاً أن رسولنا الكريم إنما بعث معلماً‏، لكن اعذروني إن قلت إن واقعنا التربوي لا يبشر بالخير، رغم ان التعليم في بلادنا مجاني والزامي والحمد الله، وسمعة مدرسينا يضرب بها المثل في دول الاغتراب، فهل العمليه التربوية برمتها في حاله هبوط بشكل مريع ام لا؟.

ان كان هناك هبوط من يتحمل المسؤولية ونحن جميعاً شركاء في المسؤولية؟
هل يظهر هذا التدهور في الجوالات التي أصبحت بيد كل طالب وطالبة، وفيها ذخيرة الطالب أو الطالبة من مقاطع الفيديو والاغاني وما خفي اعظم، والزي الرسمي اصبح موديلا وفنا، وفق قرار الطالب أو الطالبة وهو غير ملزم، وقصات الشعر المخزية والوشم (التاتو) والتسريحات الهجينة والسناسل والاساور المطاطية والنحاسية، نراها ويراها الجميع، الطلبة المدخنون في كل زاوية وفي كل شارع بل في بعض الصفوف، والتسرب من شبابيك ومن على جدران المدارس نحو الملاهي واندية البلايستشن واقع يراه القاصي والداني.
الحقائب المفروض أنها مدرسية، والملابس التي تحمل مئات العبارات والرسومات تعطي مئات التفسيرات، ويا للاسف ليس منها ما يشير إلى أن من يحملها أو يرتديها طالب، الدروس الخصوصية اصبح لها اعلانات في الصحف الصفراء وفي غرف الصف لان الطالب اصبح مقتنعا بأن ما يفقده بالمدرسة يغطى في الدروس الخصوصية.‏
لا شك ان الوضع المعيشي صعب، فامتهن المعلمون مهنا لا تليق بدورهم كمعلمين، سائقين او بائعين فأصبح ينظر إلى التعليم على أنه حرفة وليس رسالة إنسانية لها علاقة بتنشئة الجيل الجديد.‏
أما المواد والمناهج الدراسية فضخمة تقوم على مبدأ الحشو والتلقين بدلاً من التفكير وفي مرحل معينة يتم تنجيح الطالب (تدفيش) خصوصا مرحلة التعليم الاساسي.
ولماذا أصبح همنا الأول والأخير فض النزاعات بين الطالب أو ولي الامر من جهة والمعلم من جهة اخرى، أو بين المدير والمعلمين؛ فلماذا فقد المعلم احترامه، والتعليم بريقه! كنا نسمع ان المعلم عندما كان يدخل الفصل تسمع دبة النملة. وكل الطلاب يقفون له اجلالا وتقديرا! فلماذا انقلبت الصورة واصبح المعلم يخاف أن يستثير غضب احد طلابه، خوفاً من بطشه فكم مرة سمعنا عن الطلبة يتربصون بمعلميهم بعد انتهاء الدوام لضربه أو قذفه بالحجارة أو شتمه فأصبح تطاول الطالب على الاستاذ أمرا عاديا وطبيعيا.
لماذا أصبح المعلم يشتري ود الطلابه فيتقرب اليهم ويطلب ودهم ورضاهم عنه، ربما سعيا وراء استقطاب اكبر عدد منهم للدروس الخصوصية. لماذا جرد المعلم من صلاحياته ومنع الضرب -غير المؤذي طبعا- في المدارس، وهل اعتمد دعاة منع الضرب على دراسات معينة، وماذا يقولون عن تجربة البلدان المتقدمة مثل اليابان أو كوريا التي أوضحت آخر دراسة جرت فيها أن أكثر من 72 في المئة من أولياء أمور الطلاب الكوريين يرون أن العقاب البدني ضروري لأغراض العملية التعليمية، بل إن 58 في المئة من أولياء أمور الطلاب يرون ضرورة الحاجة للعقاب المدرسي للسيطرة على التلاميذ، فيما عبر 70 في المئة منهم عن قلقهم من
المنع الكامل للعقاب الجسدي في المدارس.
هذا غيض من فيض، ومهما تعددت الأسباب إلا أن النتائج ستنعكس سلباً على العملية التربوية.‏
إنَّ المعلمَ الذي يبني ويربي في الصفِ وحده ويتعاملُ مع عقلياتٍ متباينةٍ من بيئاتٍ مختلفةٍ هو الذي يعرف كل الأسئلة وبالتأكيد يعرف إجابتها.
هبه
هبه
مشرف قضايا المرأه

عدد المساهمات : 17
نقاط : 52
السٌّمعَة : 3
تاريخ التسجيل : 23/10/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى